نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 456
علما، لأنّ العلم أول أسباب العمل. والرابع: وإِنه لمتيقن لوعدنا، قاله الضحاك. والخامس: وإِنه لحافظ لوصيِّتنا، قاله ابن السائب. والسادس: وإِنه لعالم بما علَّمناه أنه لا يصيب بنيه إِلا ما قضاه الله، قاله مقاتل. والسابع: وإِنه لذو علم لتعليمنا إيّاه، قاله الفرّاء.
[سورة يوسف (12) : آية 69]
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (69)
قوله تعالى: وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ يعني إِخوته آوى إِلَيْهِ أَخاهُ يعني بنيامين، وكان أخاه لأبيه وأمه، قاله قتادة، وضمه إِليه وأنزله معه. قال ابن قتيبة: يقال: آويتُ فلاناً إِليَّ، بمد الألف:
إِذا ضممتَه إِليك، وأويت إِلى بني فلان، بقصر الألف: إِذا لجأت إِليهم. وفي قوله: قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ قولان: أحدهما: أنهم لما دخلوا عليه حبسهم بالباب، وأدخل أخاه، فقال له: ما اسمك؟
فقال: بنيامين، قال: فما اسم أمك؟ قال: راحيل بنت لاوَي، فوثب إِليه فاعتنقه، فقال: «إِني أنا أخوك» ، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وكذلك قال ابن إِسحاق: أخبره أنه يوسف. والثاني: أنه لم يعترف له بذلك، وإِنما قال: أنا أخوك مكان أخيك الهالك، قاله وهب بن منبه. وقيل: إِنه أجلسهم كل اثنين على مائدة، فبقي بنيامين وحيداً يبكي، وقال: لو كان أخي حياً لأجلسني معه، فضمَّه يوسف إِليه وقال: إنّي أرى هذا وحيدا، فأجلسه معه على مائدته. فلما جاء الليل، نام كل اثنين على منام، فبقي وحيداً، فقال يوسف: هذا ينام معي. فلما خلا به، قال: هل لك أخ من أمك؟ قال: كان لي أخ من أمي فهلك، فقال أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ فقال: أيها الملك، ومن يجد أخاً مثلك؟
ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل، فبكى يوسف، وقام إِليه فاعتنقه، وقال: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ يوسف فَلا تَبْتَئِسْ قال قتادة: لا تأس ولا تحزن، وقال الزجاج: لا تحزن ولا تستكِنْ. قال ابن الأنباري:
«تبتئس» : تفتعل، من البؤس، وهو الضُرُّ والشدة، أي: لا يلحقنَّك بؤس بالذي فعلوا.
قوله تعالى: بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم كانوا يعيِّرون يوسف وأخاه بعبادة جدِّهما أبي أُمهما للأصنام، فقال: لا تبتئس بما كانوا يعملون من التعيير لنا، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: لا تحزن بما سيعملون بعد هذا الوقت حين يسرِّقونك، فتكون «كانوا» بمعنى «يكونون» قال الشاعر:
فَأَدْرَكْتُ مَنْ قَدْ كَانَ قَبْلي وَلَمْ أَدَعْ ... لِمَنْ كَانَ بَعْدِي في القَصَائِد مَصْنَعَا
وقال آخر:
وانْضَحْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بِدِمَائِهَا ... فَلَقَدْ يَكُونُ أَخَا دَمٍ وَذَبَائِحِ
أراد: فقد كان، وهذا مذهب مقاتل. والثالث: لا تحزن بما عملوا من حسدنا، وحرصوا على صرف وجه أبينا عنّا، وإِلى هذا المعنى ذهب ابن إِسحاق.